بمناسبة افتتاح معرض الرياض الدولي للكتاب، لا تنس اقتناء رواية.

رهف الليفان


بصفتي طالبة تدرس الأدب، فأنا دومًا في المرصاد لمن يزيحون زوار المعرض عن اقتناء كتب الأدب، وبالأخص الروايات، بدعوى أنها ليست سوى مضيعة للوقت وللمال، واتهامها بقلة نفعها وسوء مقاصدها.

لنفهم أولًا سبب هذه الإشكالية، والمضايقات الكثيرة لقُراء الروايات، فمنهم من يجد أنها لا تنير عقل القارئ بعلم ولا تنفعه في آخرته، ومنهم من يقول أنها فلسفات وأفكار قد ينحرف القارئ منها عن الطريق السليم، وأنا أقول أنها مجرد مغالطات وإن صحت بعض من ادعائاتهم.



لا خلاف حول نفع كتب الدين والتاريخ والفكر والفلسفة ومختلف العلوم في تحصيل العلم والمعرفة، ولكن الأدب أيضا له نصيبه، فله مسلكٌ خاص في إثراء القارئ، فالأدب طريقٌ سلس، خفيف الظل، حلو المعشر، لفهم البشر، لإدراك أن طبيعة النفس البشرية واحدة وإن اختلف زمانها ومكانها. والقارئ لزم عليه أن يكون نبيهًا، أن يعرف ما يقرأ ولمن يقرأ، ألا يقتني أي كتاب يصادفه، وجب عليه أن يعرف ما بين دفتي الكتاب قبل أن يشرع في قراءته، وأن يُجيب على هذه الاسئلة، من هو الكاتب؟ في أي زمن كُتب الكتاب؟ بمن تأثر؟ ما الفلسفة التي اتبعها؟ ومهما كانت الأجوبة، يقرأ ويستشف بين السطور المعاني والحكم، البلاغة والمجاز، ينقد الفكرة المخالفة ويتبع ما يتبع ديننا ويتوافق معه، عندها أجزم أن قراءة الراوية تنمي في القارئ لُغته ولسانه، وقدرته في فهم الناس وطباعهم وتعليل أسباب سلوكهم، ومعرفته بثقافة مجتمعات تقطن في الجانب الآخر البعيد من الدنيا.



إن القصص من أقدم وأول الوسائل لغرس الحكم والقيم، ولنقل المعرفة والخبرات. وهي من أنجع وأفود الأساليب، ففي كتاب الله الكريم، قصص للأنبياء والرسل عليهم السلام، وهي قصص شريفة لأشرف المخلوقين، ولازلنا نلتمس منها مواعظ وعبرات لا تعد ولا تحصى.

الاستهلالية المشهورة "كان يا مكان في قديم الزمان" تكفي، فالعبارة وحدها تشير إلى أبعاد القصة الزمانية والمكانية، حتى وإن كانت خيالية، فالقصة الخيالية ليست إلا اسقاط للحقيقة والواقع.

قراءة الروايات هذبتني ولطفتني، صقلت لغتي، ولخصت لي علوم كثيرة في قالب قصة.

فلم لا تقرأ القصص؟ لم لا تقرأ الروايات؟