بدد خوفك وحلّق
رهف الليفان
اكتب عن شباب اليوم، عن شبابي أنا الذي كادت أن تذبل زهوره قبل أوانها لولا رحمة الله، عن الهاجس الذي ألحظه بين أقراني والذي يحول بينهم وبين سعيهم في هذه الحياة.
العشرينات، بداية الشباب... بين اقتناص الفرص والكفاح، وبين التدفن بالخوف والتراخ. فالشباب يعني بلوغ الإنسان أوَجه، فهو بالفعل عمر الزهور، يزدهر المرء فيه ويفوح عبيره، فإما ينضج ويثمر، أو يخفت ويذبل.
من صفات الشباب النشاط والحركة، السعي والإقدام، الطموح والأحلام، فلمَ نجد من بيننا يافعين ذوي روح منكسرة، عاجزين عن خطوِ خطوة؟
نحتفل بالنماذج الباهرة التي لدينا، لكن قضيتي هنا هي الشريحة الأكبر من الشباب ذوي الكنوز المدفونة، المتدثرة بالرهبة.
فنحن الشباب، نخاف من الفشل، من المسؤولية، من اتخاذ القرارات، وأكثر مخاوفنا غمرًا لروح الشباب وتثبيطها هو الخوف من النقد.
الخوف حبيس الإنسان، فكم من مرة فوتَّ فرصة لتجربة ما؛ نسبة نجاحك بها 99% لكن عدت بأدراجك للخلف خوفا من تحقيق احتمالية 1 % ؟
كم من مرة تمنيت لو أن يلقي أحدهم النظر لمواهبك الدفينة لكن كبلك الخوف حتى من فكرة كشفها ؟
لأنك تخاف من الكلمات، من كلمة الرفض، من كلمة النقد ولو كانت بناءة، أو حتى من قهقهات الاستهزاء، فلم تعد طفلاً، أو صبيا ينعمون النبرة له ويلونون العالم من أجله، أصبحت شابا.. تذوق طعم الحياة على حقيقتها، لأول مرة.
تنظر للجانب الآخر، لليافعين أمثالك ذوي الإنجازات، لا اختلاف بينكما سوى أنهم شجعان، مقدمين للحياة بما وسعته لهم، دون حساب احتمالات الفشل والنجاح، والتردد بين الإقبال والإدبار، تراهم مراهنين بنجاحهم، وليس بالضرورة بسبب مواهبهم، بل لشبابهم والوقت الذي يملكونه، ومهاراتهم التي يستطيعون صقلها، ليسوا متهورين بل واثقين بالله، فضلوا في الطريق أم وصلوا، فقد انتصروا.. لأنهم سعوا.