التلميذ والشيخ!
عبدالله إبراهيم الحسين
في السابع من ديسمبر 2022م وأنا أحزِم ركام الحقائب استعداداً للسفر، حيرةٌ متكررة تراودني! ماذا أصطحب معي من الكتب؟
ودائماً ما كان كتاب السفر يتميز بخصائص خاصة تميزه عن غيره، فهو مؤنِس وممتع ولا تُعدم منه فائدةً، يُنسيك مشقة السفر، ويكون أنيسَك وجليسك فيه، فوقع الاختيار على كتابين هما عِماد هذه التدوينة.
أما الأول فهو شرح حلية طالب العلم للعلامة ابن عثيمين، والثاني هو شرح مقدمة المجموع للمؤلف نفسه، ويجد القارئ في هذين الكتابين أنهما في ذات الموضوع، مما يمكن إدراجه بما يسمى بـ "كتب أدب الطلب".
وهنا فائدة قراءة الكتب التي يُظن تشابه مباحثها في ذات الفترة، مما يجد المرء أنه أكثَر من إحالات كتابٍ إلى كتاب، واكتملت لديه معلومة واستقرّت لتكررها عليه.
فبعد قراءتي وجدت أن ابن عثيمين أكثَر من ذكر شيخه ابن سعدي، بعبارات ومواقف رائعة تخالج الوجدان! ويأسرني تحديداً حديث التلميذ عن شيخه، فما أجمل تلك العبارات التي تمر بك لحديث ابن القيم عن شيخه ابن تيمية، (وحدثني شيخنا: ...)، (وسمعت شيخنا: ...)، (ورأيت شيخنا: ...).
وما إن استمريت في قراءة الكتاب حتى جاءتني تلك الفكرة، لماذا لا أجمع تلك العبارات والمواقف من هذين الكتابين؟ فرجعت لتلك المواضع التي كان من نصيبها التظليل بالقلم وجمعتها، وهنا فائدة لمن يقرأ أن يستحضر دائماً هدف القراءة، ويستجلب ذهنه نحو أفكارٍ بحثية أو أهدافٍ قرائية تعظّم فائدة المقروء وترسخه، على كل حال دونكم هذه النُقول علّها أن تنفع القارئ ويجد فيها متعةً صاحبت جامعها:
دفتر الفوائد!
قال لنا بعض من كبرونا في الطلب عن شيخنا عبدالرحمن بن سعدي قال: كان معه دفتر في جيبه، كلما عنَّت له مسألة كتبها، وحصل بذلك فوائد كثيرة؛ لأن الإنسان قد يعِنُّ له وهو يمشي، أو وهو جالس، أو ما أشبه ذلك فائدة .. ثم إذا لم يقيده وأراده في المستقبل وجده ضائعاً
[التعليق على مقدمة المجموع (١٣١-١٣٢)]
إن التشبه بالكرام فلاحُ!
ولقد كنا نقتدي بشيخنا عبدالرحمن بن سعدي حتى في المِشْية، وفي اللباس، وفي كل شيء؛ لأننا نعتقد أنه شيخنا وإمامنا، فنعتبره قُدوة لنا
[التعليق على مقدمة المجموع (١٨٣)]
صيد العلم أم صيد الطير!
وأنا أذكر ليلة من الليالي بعد المغرب كنَّا مع الشيخ عبدالرحمن، وجاءت بُومة، وكان هناك نخلٌ حول السطح الذي ندرس فيه، وهذه البُومة مسلَّطة على العصفور، تأتي بعد المغرب والعصافير تكون في النخل، وتسقط عليهم وتأكلهم، فالتفتُّ التفاتة يسيرة إليها، فانتقدني الشيخ، وقال: صيد العلم أولى من صيد الطيور.
فعلى كل حال، أخذت الأدب إن شاء الله
[التعليق على مقدمة المجموع (١٨٥)]
حتى في الخط!
نذكر بعض الطلبة في زماننا كانوا يقلِّدون خط شيخنا عبدالرحمن بن سعدي مع أن خطّه لا يُعتبر جميلاً، وهذا من شدة محبتهم له، فالإنسان كلما أحب شخصاً حاول أن يكون مثله في خصاله
[شرح حلية طالب العلم (٢٣)]
ثلاثة أعلام!