! هذا الإنسان لا يخذلك أبداً
كلما حرصت على المسير في طريقه، كلما كثرت المشتتات..
كلما فزع شيطان من الإنس أو الجن!
يهرول نحوك؛ لعلّهُ يحرفُك عَنِ الطّريق!
لكنّ الأعْجَب، هي النُّفُوس النَّظِيفَة إذا مرّت على سيرته؛ تعلقت بها كالمسحورة!
تشاهد أنوار العظمة في أوصافها، وجوارحها، ومواقفها!
تزداد يقين أن الاقتداء بها طريق سلام في الحياة والممات..
الاقتداء أخصر الطُّرق لإنهاء المشاكل في العالم..
لن تُخذْل عندما تقتدي به أبداً.. ولو خالفك الناس أجمعون!
ووالاهم على ذلك الأكثرون!
هذا الإنسان لا يخذلك أبدا!
كلما طالعت في شخصه..!
وكلّما دارست أنواره..!
وكلّما بحثت في أخص خصائصه؛ أثابك فرحة ومحبّة وانحيازاً لَهُ وإِلَيه..!
هذا شخص ليس في حياته قطّ موقِفٌ واحد يَنْحَازُ فِيهِ إلى نفسه..!
بل هو دائم الإيثار والبذل والتفاني..!
شُغْله الرّحمة..!
وغايتهُ استنقاذُ النّاس كلهم ولو كانوا في جَحِيم العِدَاء معه..!
ألا تَرَىٰ إِلَى مَوقِفِه مَثَلاً حِينَ أَقْبَلَ سَيّدنا العباس -رضي الله عنه- بأبي سفيان وقد نزل النبي -ﷺ- ومعه الجيش بين يدي فتح مكة..!
وعمر -رضي الله عنه- يُريد قتله، والعبّاس -رضي الله عنه- يحامي عن أبي سفيان يريد نجاته..!
فيدعو النّبي -ﷺ- الرّجلَ الذي خَاضَ معهُ مَعَارِك عُظمىٰ، وحشد له الحشود صَدّاً عن دين الله وكفرا به، ومحادَّةً لله ولرسوله -ﷺ- !
يدعوه إلى ماذا؟!
إلى رحمة الإسلام ونوره!
بلا مُشارطة ولا إِذلال ولا تَعنيف ولا مُعاتبة ولا لَوم!
حتى إِنّ أبا سُفْيَان تَردّدَ مُتَلعثِمًا فِي الشّهادَةِ لَه -ﷺ- بِالرّسالة!
ومع هذا يسمح -ﷺ- ويَتّسعُ ويَرحَمُ!
ولو كَان مِنْ أَصْحَابِ الدُّنْيَا لَكَان فِي ظَفَرِه بعدوّه وقَتْلهِ لَهُ وتَشْرِيده وإِذْلَالِه شِفَاءٌ لِصَدْرِه!
لا لا!
ما قال له أين اعلُ هبل؟!
ألم تفعل كذا وكذا!
لا والله لا..
يقبل منه الإسلام ويجعل له نصيبًا من الفخر فيقول:
من دخل دار أبي سفيان فهو آمن!
أشهد بالله الذي لا إله إلا هو أن هذا لا يفعله إلا نبي عظيم!
صلى الله على سيدنا وشرفنا وفخرنا وعزنا الذي رفع رؤوسنا وزكانا الله به، وسلم تسليما كثيرا!
اللهم لك الحمد على هذا السيد الجليل والنبي العظيم ﷺ !