الامتنان




ربى القحطاني 

في كل صباح أنهض فيه، وفي اللحظة الأولى التي أفتح عيناي فيها أرى لوحة صغيرة جدًا، أتذكر انبهاري الشديد عند شرائها، ولكن تلاشى واختفى بعد مرور يومين، ثم اتسمت بالعادية في عيناي، ثم أخرج من غرفتي أرى والدتي وأخوتي، لم أكن أدرك أن صباحي يشرق مرتين، ثم أفتح خزانتي أختار ما أشتهي ارتدائه.

وعند ذهابي إلى الجامعة أستطيع في طريقي شراء القهوة التي أُحب. وأرى صديقاتي في كل صباح وأتحدث إليهم، وأستطيع أن أسمع وأرى شرح الأساتذة بكل يسر، وفي نهاية كل يوم مُتعب أعود لأكثر الأماكن دفئًا وأمانًا.

في الحقيقة ليس المكان الذي أقصده، بل من فيه، وفي كل يوم أتناول وجبة الغداء وعائلتي أمامي بصحة وعافية، أستلقي على سريري وأستيقظ في كل مرة على صوت والدتي. هل هناك سببًا آخر يود المرء أن يستيقظ لأجله كل يوم؟

ولكن …


لم أدرك أني أعيش في زحاماً من النعم، كنت أعتقد أن تلك التفاصيل، بل الأكثر منها هي حق لي ومن الطبيعي أن أمتلكها. إذاً ما هو الامتنان؟

هو استشعارنا وحبنا لكل ما نملكه مهما كبر حجمه أو صغر، سواء كان بإمكاننا لمسه أو هو مجرد شعور داخلي نراهُ في أنفسنا، نمتن لأنفسنا لأننا نمتلك قلوبًا بيضاء نرى انعكاسها على حياتنا. هو مفهوم واسع جداً، لا يشمل فقط استشعارنا للأشياء التي نمتلكها، بل يشمل أيضاً كل الأمور السيئة التي كانت موجودة في حياتنا؛ لأن زوالها كان نعمة لنا.


يجب علينا أن نمتن لأدق التفاصيل.


> رؤية شروق الشمس وغروبها.

> سماع زقزقة العصافير في كل صباح،

> ازدحام العائلة حولنا،

> للضحكات المتكررة،

> وللأصدقاء الذين يعيدون لنا بهجة الحياة.


والأكثر أهمية أن نمتن لأنفسنا لكل ما قدمنا لها من جهد وحب وتقدير.