شخصية مُلهمة
في حياتنا الشخصية والاجتماعية نحٌب أن نستلهم من شخصيات لها أثر كبير بالحياة في حالة الشدة والرخاء ، لكي نتأثر بها ونتعلممنها العديد من الأمور المتعلقة بالصبر على مالم تحط به خبراً و البلاء و نستمد من ذلك القوة والطمأنينة.
وهي شخصية من الشخصيات المذكورة بالقرآن الكريم ؛ النبي أيوب عليه السلام يعد من الشخصيات المُلهمة و نبيّاً من نسل الأنبياء؛ يٌعد مٌلهم بصبر أيوب حيث الذي اتّصف به على البلاء جعلَ منه قدوةً ومثالاً للصابرين، وليس في ذلك غرابة؛ فأنبياء الله -تعالى- ورُسله هم أشدّ الناس بلاءً؛ إذ بيّنَ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ذلك في الحديث الذي رواه سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- أنّه قال: (قلتُ يا رسولَ اللهِ أيُّ النَّاسِ أشدُّ بلاءً قالَ الأَنبياءُ ثمَّ الأَمثلُ فالأَمثلُ).
النبي أيوب عليه السلام
إن النبي أيوب عليه السلام يعد من أكثر ثباتًا وصبرًا ؛كان يمتلك أموالًا كثيرة والمواشي والأراضي وأيضًا كان لديه الكثير من الأقارب والأبناء والصحة الكاملة وقد أذن الله تعالى باختبار أيوب عليه السلام وجعل الشيطان سلطانًا في أذيته عليه السلام في إزالة جميع متاع نٌعم الدنيا ودون أن يكون له سلطان على جوارحه الباطنية كالروح والقلب والضمير كما قال الله تعال عنه ﴿وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ (41)﴾
ويفهم من ذلك، إعلان تسلط الشيطان على النبي أيوب عليه السلام وحربه على ممتلكاته وحرق جميع مايملك ولكن النبي أيوب عليه السلام عندما يأتيه في كل مرة خبر عن ممتلكاته من النعم كان يٌجيب (إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون، لله ما أعطَى، ولله ما أخذ، لا ينبغي أن نفرح حين يعطينا الله من فضله عاريةً، ثمَّ نجزع إن استردَّ منَّا عاريتَه).
وعندما رأى الشيطان صبر وثبات النبي أيوب عليه السلام ،جاء إلى بيت مجتمع فيه كل أولاده، فجعل زلزال عليهم حتى انهار فوقهم فقتلهم جميعًا ، فأتى باخباره فأجابه بجوابِه الأوَّل، وسلَّم ورضيَ بحُكمِ الله تعالى ولما رأى ثباته ؛ تسلط على جسده ونفخ على جسده نفخة وألقى في جوفه شيئًا فأصابه بعلَّةٍ جعَلته يضعف ويهزل وتخورُ قواه،وبقيَ أيوب صابراً على ما أصابهُ من بلاءٍ، يحمدُ الله تعالى سرًّا وعلانية، مواظبًا على تأدية واجبات الطاعةِ والعبادة وأنّ بلاءه استمرّ ثماني عشرة سنة، ورد في الحديث: (إنَّ نَبيَّ اللهِ أيُّوبَ عليه السَّلامُ لبِثَ به بَلاؤُهُ ثَمانَ عَشْرةَ سَنَةً).
حتى أحسَ بأنّ الناس الصالحين قد أساؤوا الظنَّ بالله تعالى بسبب ما يرونَه من كثرة الابتلاءات وطولها على أيوب؛ هنالك دعا ربَّه أن يزيل عنه بأنه لم ييأس أبدًا ومن معجزة الله له وصبره وامتحاناً له على شكر نعم الله ذُكر قوله تعالى :﴿۞ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83)﴾ سورة الأنبياء، أذهب الله عنه البلاء وشفاه وأرجع له عافيته وصحته وأعاد أولاده مثلهم وأضاف عليهم و رزقه بأموالاً ؛ لا تعد ولا تحصى وقوله تعالى : ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ ۖ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ (84)﴾ سورة الأنبياء.
وكان يخرج لحاجتهِ، فإذا قضى حاجته أمسكت امرأته بيدهِ حتى يبلغ. فلما كان ذات يوم أبطأ عليها، فأوحى الله إلى أيوب في مكانهِ: أن اركض برجلك، هذا مغتسل بارد وشراب.فاستبطأته، فتلقته، وأقبل عليها، وقد أذهب الله ما به من البلاء، وهو أحسن مما كان فلما رأته، قالت: أي بارك الله فيك، هل رأيت نبي الله هذا المبتلى؟ والله على ذلك ما رأيت رجلا أشبه به منك إذ كان صحيحاً! فقال : فإني أنا هو.
وتذكيرًا لكل منقاد لله بالعبادة؛ ليصبر كما صبر أيوب ، إن الإنسان يجب عليه أن يصبر على بلاءه ومصائبه مهما كانت وطالت سيأتي العوض حتمًا في توقيت لا تعلم عنه أبدًا فلا تيأس مهما ضاقت بك الحياة ؛ لأنه تعويضات الله إن جاءك أنساك ما أصابك، دائمًا تذكر قصص الأنبياء عليهم السلام وتأثر بكل ماحصل بهم مع يقينك بإن الله سيستجيب لك ولتأتيك أمنياتك كما أردت وأفضل مما أردت أيضًا، فلا تحزن إن الله معنا بكل الأحوال فاصبر وأحتسب كما فعل النبي أيوب عليه السلام.