محمد مؤيد حجازي
بينما نبحث عن ذواتنا، نجدُ أن الطموح والمثالية تدفعاننا إلى دائرةٍ لا تنتهي من الاستكشاف، ثم تتزاحمُ في أذهاننا التساؤلات:
راودتني أفكارٌ كثيرة، وحاولت أن أجد إجابة تُرضيني، لكنها لم تهدني إلى يقين، بل زادتني حيرة، حتى وجدت نفسي في انسدادٍ لا منفذ منه.
أدركت في تلك اللحظة أننا مزيجٌ من كل تلك الهويّات؛
ففي المنزل نحنُ الابن والأخ، وفي الجامعة نحنُ طلاب نسعى دومًا لتحقيق أسمى الأهداف، وفي حيّز الإبداع نصوغ أجمل الكلمات وأبلغها، أما في تفاصيل الحياة الأخرى فلدينا طموحٌ يخلق فرصته من العدم، ويُحيي أمله من عُمق ألمه، وينشر الخير قدر المستطاع، وهذا لا يُنافي تخصيص تواجدنا في شخصيّةٍ واحدة، بل إنه يسعى لصقلنا من جميع الجوانب ليصل بنا في نهاية المطاف إلى تكوينٍ يحوي أنبل الصفات وأسماها.
وفي خِضّمِ الضياع، أدركت
أن العثرات ليست إلا نوافذ ينبثق منها إشراقةَ صُبحٍ جديد،
وأن السقوط ليس نهاية الطريق،
بل فرصة للنهوض بعزمٍ أشد وإيمانٍ أقوى وخطىً واثقة.
وهكذا تمضي سنّة الله في خلقه؛ فلا بدّ من عثرةٍ تُذكرنا بضعفنا، لنوقن أننا بشرٌ لنا طاقاتٌ محدودة، ونحتاج بين الحين والآخر إلى تجديدها واستعادتها.
قال الله تعالى في كتابه الكريم: ( لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)
البقرة:286
وبعد كل ذلك، أدركت أن المخرج الوحيد من ذلك الضياع هو التوجه إلى الله والتوكل عليه،
فقد علمنا السابقون "أن من توكل على الله لا قلَّ ولا ذلَّ ولا ضلّ" وأيضًا
"من حُرم التوفيق وُكل إلى نفسه؛ ومن وُكل إلى نفسه هلك!"